سفر يشوع الفصل السابع والثامن

 السابع الهزيمة أمام مدينة عاي

ولكن الإسرائيليين ارتكبوا خيانة إذ أخذ عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح من سبط يهوذا مما هو مخصص للرب فاحتدم غضب الرب على بني إسرائيل وبعث يشوع بعض رجاله من أريحا إلى عاي الواقعة شرقي بيت إيل بقرب بيت آون وأمرهم أن يتجسسوا الأرض فذهبوا ثم رجعوا إلى يشوع قائلين له إن أهل عاي قليلو العدد فلا توجه كل الجيش إلى هناك بل أرسل نحو ألفي رجل أو ثلاثة آلاف رجل فقط فصعد من الشعب نحو ثلاثة آلاف رجل إلا أنهم هزموا أمام أهل عاي وقتل منهم أهل عاي نحو ستة وثلاثين رجلا وتعقبوهم من أمام بوابة المدينة حتى شباريم وكسروهم عند المنحدر فدب الرعب في قلوب بني إسرائيل فمزق يشوع ثيابه وأكب على وجهه إلى الأرض أمام تابوت الرب إلى المساء هو وشيوخ إسرائيل وأهالوا التراب على رؤوسهم وقال يشوع آه ياسيد الرب لماذا جعلت هذا الشعب يجتاز نهر الأردن لكي تدفعنا إلى يد الأموريين حتى يبيدونا ؟ ليتنا كنا قنعنا وأقمنا شرقي نهر الأردن آه ياسيد ماذا أقول الآن بعد أن ولى الإسرائيليون الأدبار أمام أعدائهم إذ يبلغ هذا الخبر مسامع الكنعانيين وسائر سكان الأرض فيتألبون علينا ويزيلوننا من الوجود! وماذا تصنع لاسمك العظيم ؟

الرب يخاطب يشوع

فقال الرب ليشوع قم لماذا أنت ساقط على وجهك ؟ لقد ارتكب إسرائيل خطيئة بل تعدوا على عهدي الذي أمرتهم به بل أخذوا مما حرمته عليهم وسرقوا وأنكروا بل خبأوا في أمتعتهم لهذا عجز بنو إسرائيل عن الثبات أمام أعدائهم فولوا أمامهم الأدبار لأنهم هالكون إذ لن أعود أكون معكم ما لم تستأصلوا الحرام من وسطكم قم واطلب من الشعب أن يتقدسوا ليوم غد لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل في وسطك حرام ياإسرائيل ولن تتمكنوا من هزيمة أعدائكم حتى تستأصلوا الحرام من بينكم فلتتقدم أسباطكم في يوم غد سبط تلو سبط والسبط الذي يشير إليه الرب يمثل بعشائره والعشيرة التي يعينها الرب تتقدم ببيوتها والبيت الذي يحدده الرب يتقدم برجاله والذي تثبت عليه جريمة السرقة مما هو محرم يحرق بالنار هو وكل ما له، لأنه نقض عهد الرب وارتكب قباحة في إسرائيل

خيانة عخان بن كرمي وعقابه

فبكر يشوع في صباح اليوم التالي وعرض أمام الرب أسباط إسرائيل فأشار الرب إلى سبط يهوذا ثم عرض سبط يهوذا فعين الرب عشيرة الزارحيين ثم قدم عشيرة الزارحيين برجالها فأشار الرب إلى زبدي فعرض بيته برجاله فحدد الرب عخان بن كرمي بن زبدي بن زارح من سبط يهوذا فقال يشوع لعخان ياابني مجد الرب إله إسرائيل واعترف له وأخبرني الآن ماذا جنيت ؟ لا تخف عني شيئا فأجاب عخان حقا إني أخطأت إلى الرب إله إسرائيل وجنيت هذا الأمر رأيت بين الغنائم رداء شنعاريا نفيسا ومئتي شاقل فضة نحو كيلوجرامين ونصف وسبيكة من ذهب وزنها خمسون شاقلا نحو ست مئة جرام فاشتهيتها وأخذتها وها هي مطمورة في الأرض في وسط خيمتي والفضة تحتها فأرسل يشوع رسلا فهرعوا إلى الخيمة حيث عثروا عليها مطمورة فيها والفضة تحتها فأخرجوها من وسط الخيمة وحملوها إلى يشوع وإلى جميع بني إسرائيل وعرضوها أمام الرب فأخذ يشوع وجميع بني إسرائيل عخان بن زارح والفضة والرداء وسبيكة الذهب وأبناءه وبناته وبقره وحميره وغنمه وخيمته وكل ماله وذهبوا بهم إلى وادي عخور وقال يشوع لماذا جلبت علينا هذه الكارثة ؟ لتحل بك اليوم الفواجع فرجمه جميع إسرائيل بالحجارة مع أهل بيته وأحرقوهم بالنار وأقاموا فوقه كومة كبيرة من الحجارة ما برحت باقية إلى هذا اليوم فهدأ غضب الرب ولذلك دعي اسم ذلك الموضع وادي عخور ومعناه وادي الإزعاج إلى هذا اليوم

الثامن رسم خطة الهجوم على عاي

وقال الرب ليشوع لا تجزع ولا تثبط همتك خذ جيشك برمته وحاصر عاي لأني قد أسلمتك ملك عاي وشعبه ومدينته وأرضه فتجري على عاي وملكها ما أجريته على أريحا وملكها غير أنكم تنهبون لأنفسكم غنيمتها وبهائمها انصب كمينا خلف المدينة فهب يشوع وجميع المحاربين وتوجهوا لمهاجمة عاي واختار يشوع ثلاثين ألف رجل من محاربيه الأشداء وأرسلهم ليلا بعد أن أوصاهم قائلا اذهبوا واكمنوا خلف المدينة لا تبتعدوا عنها كثيرا وتأهبوا جميعكم للقتال وأما أنا وبقية المحاربين الذين معي فنقترب إلى المدينة فما إن يخرجوا للقائنا كما حدث سابقا حتى نتظاهر بالهرب أمامهم فيتعقبونا وبذلك نجذبهم بعيدا عن المدينة ظنا منهم أننا هاربون أمامهم كما جرى في المرة الماضية فتنقضون أنتم من المكمن وتستولون على المدينة التي يخضعها الرب إلهكم لكم ولدى استيلائكم على المدينة تضرمون فيها النار كأمر الرب فافعلوا ونفذوا ما أوصيتكم به وأطلقهم يشوع فتوجهوا إلى المكمن حيث تربصوا بالمدينة ما بين بيت إيل وغربي عاي وقضى يشوع ليلته تلك في وسط الشعب

الاستيلاء على المدينة

وفي الصباح التالي نهض يشوع مبكرا وأحصى الجيش وسار هو وشيوخ إسرائيل في طليعتهم نحو عاي وتقدمت معه قواته كلها حتى أتوا إلى مقابل المدينة حيث نزلوا شماليها لا يفصل بينهم وبين عاي سوى الوادي وأرسل يشوع قوة دعم أخرى مؤلفة من خمسة آلاف محارب لتكمن بين بيت إيل وعاي غربي المدينة وتمركز الجيش الرئيسي في شمالي المدينة في حين تربص الكمين في غربيها، أما يشوع فقد قضى تلك الليلة في وسط الوادي ولما رأى ملك عاي ما يجري خرج بجيشه مبكرا للقاء إسرائيل ومحاربته في السهل وهو لا يدري أن هناك كمينا يتحفز للهجوم عليهم من خلف المدينة فتظاهر يشوع وبقية الجيش بالانكسار أمامهم ولاذوا بالفرار في طريق الصحراء فتنادى جميع الشعب الذين في المدينة لتعقب يشوع فجدوا وراءهم مبتعدين عن المدينة ولم يبق في عاي أو في بيت إيل رجل لم يسع في مطاردة الإسرائيليين تاركين المدينة مفتوحة للكمين فقال الرب ليشوع مد رمحك نحو عاي لأنني وهبتك المدينة فمد يشوع الحربة التي بيده نحو المدينة فاندفع الكمين من مكانه بسرعة عندما مد يده بالحربة وركضوا واقتحموا المدينة واستولوا عليها وأحرقوها بالنار فالتفت رجال عاي وراءهم وإذ بهم يشاهدون دخان المدينة يتصاعد إلى السماء فلم يكن لهم من مهرب فانقلب الجيش الهارب إلى الصحراء على مطارديه ولما رأى يشوع ومحاربوه أن الكمين قد استولى على المدينة وأن دخانها قد ملأ الفضاء شرعوا في مهاجمة رجال عاي والقضاء عليهم كذلك خرج الكمين من المدينة لقطع طريق الهرب عليهم فوجد أهل عاي أنفسهم محصورين بين الإسرائيليين من الأمام ومن الخلف ففتك بهم الإسرائيليون فلم ينج منهم أحد أما ملك عاي فقد وقع في الأسر فتسلمه يشوع وعندما تم القضاء على جيش عاي في الصحراء حيث تعقبوا الإسرائيليين وفنوا جميعهم بحد السيف رجع المحاربون الإسرائيليون إلى عاي وقتلوا كل من فيها فكان جميع من قتل في ذلك اليوم من رجال ونساء اثني عشر ألفا وهم جميع أهل عاي وظل يشوع مادا يده بالحربة نحو المدينة حتى تم القضاء على جميع أهل عاي أما البهائم وغنائم المدينة فقد نهبها الإسرائيليون لأنفسهم بمقتضى أمر الرب الذي أصدره إلى يشوع وهكذا أحرق يشوع عاي وحولها إلى تل خراب أبدي إلى هذا اليوم وشنق ملك عاي على شجرة إلى وقت المساء وعند غروب الشمس أمر يشوع فأنزلوا جثته عن الشجرة وطرحوها عند مدخل بوابة المدينة وهالوا عليها كومة حجارة عظيمة إلى هذا اليوم

بناء مذبح على جبل عيبال

حينئذ بنى يشوع مذبحا للرب إله إسرائيل في جبل عيبال كما أمر موسى عبد الرب بني إسرائيل بحسب ما هو مدون في كتاب توراة موسى فكان المذبح مبنيا من حجارة صحيحة لم ينحتها أحد بآلة من حديد وقدموا عليه محرقات وقربوا ذبائح سلامة وعلى مرأى من بني إسرائيل نقش يشوع على حجارة المذبح نسخة من شريعة موسى التي كان موسى قد أملاها عليه وكان جميع الإسرائيليين غرباء ومواطنين مع شيوخهم وعرفائهم وقضاتهم يقفون إلى جانبي تابوت عهد الرب في مواجهة الكهنة اللاويين حاملي التابوت وقف نصفهم أمام جبل جرزيم ووقف النصف الآخر أمام جبل عيبال تنفيذا لتعليمات موسى عبد الرب السابقة التي أصدرها بشأن بركة الشعب ثم تلا يشوع جميع عبارات التوراة المختصة بالبركة واللعنة كما وردت في كتاب الشريعة لم يغفل يشوع كلمة من كل ما أمر به موسى بل قرأها كلها أمام جميع بني إسرائيل حتى أمام النساء والأطفال والغرباء المقيمين بينهم

تعليقات